هل الملائكة تؤمن على ما تحدث به النفس ؟ أعلم لو أننا دعونا ونطقنا بالدعاء أنهم يؤمنون ولكن ماذا لو دعوت في نفسي ؟ فمثلا : لو أن شخصا أساء إلي تأتيني أفكار سيئة نحوه ولا أقصد له أي أذى و إنما هي أفكار ( ردة فعل ) ..
الحمد لله.
أولا : لا يؤاخذ المسلم بما حدث به نفسه أو وسوس به إليه شيطانه ما لم يعمل به أو يتكلم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ ) رواه البخاري (4968) ، ومسلم (127).
وعلى المسلم أن يدافع تلك الخواطر وأن لا ينساق وراءها.
وهذا يشمل جميع الخواطر التي ترد على النفس بلا استثناء.
قال النووي رحمه الله : " الخواطر ، وحديث النفس ، إذا لم يستقرَّ ويستمرّ عليه صاحبُه فمعفوٌ عنه باتفاق العلماء ؛ لأنه لا اختيارَ له في وقوعه ، ولا طريقَ له إلى الانفكاك عنه.
وهذا هو المراد بما ثبتَ في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي ما حَدَّثَتْ بِهِ أنْفُسَها ما لَمْ تَتَكَلَّم بِهِ أوْ تَعْمَلْ ).
قال العلماء : المراد به الخواطر التي لا تستقرّ.
قالوا : وسواءٌ كان ذلك الخاطِرُ غِيبة أو كفراً أو غيرَه ، فمن خطرَ له الكفرُ مجرّد خَطَرٍ من غير تعمّدٍ لتحصيله ، ثم صَرفه في الحال ، فليس بكافر ، ولا شئ عليه.
وسببُ العفو ما ذكرناه من تعذّر اجتنابه ، وإنما الممكن اجتناب الاستمرار عليه ؛ فلهذا كان الاستمرار وعقد القلب حراما.
ومهما عرض لك هذا الخاطرُ بالغيبة وغيرها من المعاصي ، وجبَ عليك دفعُه بالإِعراض عنه وذكر التأويلات الصارفة له عن ظاهره " انتهى من " الأذكار" (ص/345).
فكذلك الدعاء عليه ، فإذا لم تقصد إليه ولم تتلفظ به ، ولم تتمن له الشر ، وإنما هي مجرد خواطر يوردها الشيطان على قلب المسلم ليفسد ما بينه وبين أخيه ، فإنه لا حرج عليك في شيء من ذلك ، وعليك أن تدفع عن نفسك هذه الخواطر ، ثم ادع لصاحبك بالخير حتى تراغم الشيطان وتذله.
وعلى هذا : فإن الملائكة تؤمن على من تدعو له من الخير ، ولا تؤمن على ما يورده الشيطان على قلبك من الوساوس والخطرات وحديث النفس.
والله أعلم ..