لي قطعة أرض قرب القرية التي أعيش فيها في بيت والدي ، لم أقم بتحويطها بعد ، ولكن بدأت أعمال بناء البيت ، وحفرت حفرة عميقة لمياه الحمام ، تركت هذه الحفرة مفتوحة في الليل ، ولم أغطها بشيء ، وعندما جئت صباحا وجدت بقرة سقطت في الحفرة وماتت.
هل علي ضمان هذه البقرة ؟ وهل أنا مقصر بترك الحفرة مفتوحة ؟.
الحمد لله.
من حفر بئرا في ملكه فسقط فيه إنسان أو حيوان فتلف لم يضمن إذا لم يتسبب في ذلك إلا بمجرد الحفر في ملكه ؛ لأنه غير متعد.
قال البخاري رحمه الله : " بَابُ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ ".
ثم روى (2355) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( المَعْدِنُ جُبَارٌ، وَالبِئْرُ جُبَارٌ، وَالعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الخُمُسُ ).
وكذا رواه مسلم (1710) ومعنى جبار : هدر ، لا يعوض عنه.
قال النووي رحمه الله : " الْبِئْرُ جُبَارٌ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَحْفِرُهَا فِي مِلْكِهِ ، أَوْ فِي مَوَاتٍ ، فَيَقَعُ فِيهَا إِنْسَانٌ أَوْ غَيْرُهُ ، وَيَتْلَفُ : فَلَا ضَمَانَ ، وَكَذَا لَوِ اسْتَأْجَرَهُ لِحَفْرِهَا ، فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ ، فَمَاتَ : فَلَا ضَمَانَ.
فَأَمَّا إِذَا حَفَرَ الْبِئْرَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ، فَتَلِفَ فِيهَا إِنْسَانٌ : فَيَجِبُ ضَمَانُهُ عَلَى عَاقِلَةِ حَافِرِهَا ، وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِ الْحَافِرِ ، وَإِنْ تَلِفَ بِهَا غَيْرُ الْآدَمِيِّ : وَجَبَ ضَمَانُهُ فِي مَالِ الْحَافِرِ " انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله : " وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ ، أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِحَفْرِهَا ، وَإِنْ حَفَرَهَا فِي مَوَاتٍ، لَمْ يَضْمَنْ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِحَفْرِهَا " انتهى من "المغني" (8/ 424).
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (15/ 88-89) : " مِنَ الصُّوَرِ الَّتِي اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اعْتِبَارِهَا جُبَارًا : مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ ، أَوْ فِي مَوَاتٍ فَسَقَطَ فِيهِ إِنْسَانٌ ، أَوْ بَهِيمَةٌ ، فَمَاتَ أَوْ جُرِحَ ، أَوْ عَطِبَ، فَلاَ ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَسَبُّبٌ فِي ذَلِكَ أَوْ تَغْرِيرٌ " انتهى.
فعلى ما تقدم : لا ضمان عليك حيث لم يحصل منك تعد أو تفريط تؤاخذ به ، إنما التفريط من صاحب البقرة ؛ لأن عليه حفظها ، خاصة بالليل.
ولكن ينبغي عليك بعد ذلك التحويط على الموقع ، أو تعليم البئر ، أو تغطيته ؛ لئلا يقع فيه أحد ، فإنه ربما تسلل الصبيان إلى هناك بالليل وهم يلعبون فيقع فيه أحدهم ، فينبغي مراعاة مثل ذلك.
والله تعالى أعلم ..